العودة
... حلم لن يتبخـــر
سنعود... هي كلمة يرددها الكبار الذين عاشوا
التهجير والتشريد لأبنائهم وأحفادهم لتبقى هذه الكلمة حية في قلوب أولئك الذين لم
يفقدوا أمل العودة إلى ديارهم، يتوارثون أوراق الطابو ومفاتيح بيوتهم، إنها حكاية
تتردد على لسان ملايين اللاجئين الفلسطينيين في شتى أنحاء العالم، يذكر الأجداد
للأحفاد تلك المجازر التي قامت بها عصابات بني صهيون (الهاغاناة، وشتيرون، والأرغون...)
التي أجبرتهم على ترك بلادهم عنوة.
في ذلك الحين كانت المواجهة، وقدم أبناء
الشعب الفلسطيني الشهيد تلو الشهيد، أما الاحتلال فقد عمل على تدريب عناصره
وتسليحهم، وحرم على أبناء الشعب الفلسطيني اقتناء أي سلاح أو ذخيرة، لكن ذلك لم
يمنع الفلسطينيين من المواجهة وتوالت الثورات ضد المستعمرين الغزاة.
استمرت مقاومة الاحتلال، إلى أن
حل الظلام واضطر الآلاف للرحيل، رحيل كان مزين بأمل العودة القريبة، والنصر المؤزر
على يد الجيوش العربية خلال أيام.
كانت حرب 1967 التي حطمت آمال الفلسطينيين
وانهارت أمامها أحلامهم، لم يكونوا قد غرسوا أوتاد خيمتهم بقوة كي يزيلوها بسرعة
حينما يتحقق النصر الساحق الذي روجت له وسائل الإعلام العربية في ذلك الحين.
إنها
سخرية الأقدار، صفحات سوداء سجلت في التاريخ العربي، لقد كانت حربا بين دولة صغيرة
_أو ربما لا يجوز لنا أن نسميها دولة، فقد كانوا شرذمة قليلون _ وبين الدول
العربية، دول كبيرة من حيث المساحة والسكان، كبيرة في الأقوال صغيرة في الأفعال،
فكانت صيدا سهلا للاحتلال الإسرائيلي، وسجلت هزيمة مرة للعرب.
لقد كانت الصدمة كبيرة، ووسط تدفق الأحداث كان دور الإعلام العربي معززا للنكسة وربما يعتبره بعض المحللين مساهما
فيها، فقد أبرقت وسائل الإعلام وأرعدت وذهبت إلى القول بأن الجيوش العربية ستلقي
بإسرائيل في البحر، وسيطر جو من الدعاية الشديدة، واستمر دور الإعلام المضلل
للجماهير، فكان الحديث عن الانتصارات المتتالية على إسرائيل، وخسائر إسرائيل
الضخمة، وفي المقابل كان إعلام العدو يروج لفكرة أن إسرائيل دولة لا تقوى على
الحرب ولا تريدها.
الواقع أن أسلوب الدعاية ذلك
الذي صور الحرب على أنها نزهة تنتهي معها دولة إسرائيل عزز من شعور الفلسطينيين
والعرب بالنكسة، واتضح للجميع أخيرا أن
الاحتلال الإسرائيلي قد استولى على سيناء والضفة الغربية والجولان بعد أن كان
بصورة الخائف الذي لن يجد من يحميه.
ولكن ما جدوى الكتابة عن النكسة الآن بعدما مر عليها قرابة النص قرن؟، أجل
إنه تذكير بما فرض علينا، ذلك الأمر الذي لا يجب أن نرضى به كواقع، والذكرى تنفع
المؤمنين.
تشتت الفلسطينيون في شتى أرجاء العالم، واتخذوا
من الصبر سلاحاً، حتى إنهم صيروا برد الغربة دفئا، فشعوب العالم يعيشون في أوطانهم
أما هم فالوطن يعيش فيهم، هم جيش لن ينكسر يتوارثون الرسالة جيلا بعد جيل، فمتى
تكون ومتى يحين اللقاء؟؟؟؟؟
بقلم: إخلاص ارجوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق