يعد التطريز الفلسطيني
ميراثا تاريخيا عريقا يتناقله الأجيال جيلا بعد جيل، والذي على مدى آلاف السنين
تفننت فيه أنامل النساء الفلسطينيات، ذلك الفن الذي تجلت فيه أبعاد مختلفة ويحمل
بين طياته صدق التعبير وشرف الانتماء إلى الوطنية، فبين الإبرة والخيوط الملونة
تحاك قطع جميلة بعد جد طويل ومثابرة
هذا الفن الجميل يعود بتاريخه إلى الكنعانيين
الذين كانوا يحيكون الأقمشة ويصبغون الخيوط باللون الأحمر والأرجواني، وكانوا
يستقون زخارفهم من الطبيعة خصوصاً زهرتي القرنفل وشقائق النعمان إضافة إلى الزخارف
الحيوانية.
إن الحديث
عن التطريز الفلسطيني يعني حديثا عن الجذور والتاريخ والحضارة والوجود والهوية، فوطن
بلا تراث هو وطن بلا حضارة، والتراث هوية للوطن والشعوب، والموروث الفني والتاريخي
لأي أمة يعتبر منارة وجودها، هذا التراث الفلسطيني الذي تعرض إلى محاولات كثيرة من الاحتلال الإسرائيلي لطمسه و
سرقته وضمه إلى تراثه.
وتقوم
كثير المؤسسات على تفنيد مزاعم الاحتلال من خلال عرضه خارج البلاد في المعارض
الدولية، أو عرضه على الزوار والسياح حيث يسلب لبهم لروعة تنسيقه وسحره الأخّاذ.
وتعد
مهنة التطريز مصدر دخل للكثيرين ، فاطمة رجوب- صاحبة أحد المعارض- تقول" إن
الغلاء النسبي لأسعار القطع المطرزة، لم يمنع كثيرات من المجتمع الفلسطيني من
اقتنائها لأنه يمثل لهن مصدر فخر واعتزاز بهويتهن الفلسطينية، وتضيف "يجب
العمل على تشجيع أبراز هذا التراث دوليا من خلال المعارض لمحاربة ما يروجه
الاحتلال لأن تراثنا جزء من نضالنا "
والتطريز ليس لتزيين الملابس والأثواب فحسب، بل
تعدى ذلك ليصبح جزءاً من الديكور المنزلي فنراه في المعلقات والساعات والوسائد...
وخلال السنوات الأخيرة جرى تحديث الأزياء كي
تتناسب مع الموضة ولتشجيع الشابات ارتدائها من خلال التطريز على العباءات
والفساتين والأقراط والإكسسوارات المختلفة، كما يتم أيضاً الاستفادة من الأثواب
القديمة في عمل تصاميم حديثة وهو ما يسمى بـ"الترقيع".
وتضيف فاطمة رجوب أن القضية الفلسطينية وما واكبها أثرت على التطريز
الفلسطيني ورسوماته إذ تزين المطرزات بخريطة فلسطين والعلم الفلسطيني وأغصان
الزيتون وحمامة السلام وذلك للمحافظة على الهوية الفلسطينية الأصيلة.
تقرير : إخلاص ارجوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق